في ذكرى غزوات 11 سبتمبر المباركة
«مسيرة الانتصار وهزيمة أمريكا»
«مسيرة الانتصار وهزيمة أمريكا»
مؤسسة الملاحم للإنتاج الإعلامي
تقدم
مقال: في ذكرى غزوات 11 سبتمبر المباركة «مسيرة الانتصار وهزيمة أمريكا»
للقائد: إبراهيم العسيري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
يقول الله عز وجل: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249].
ويقول عز وجل: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75].
أيها الإخوة المسلمون في كل مكان؛ أتحدث إليكم اليوم بعد مرور (16) عاماً على الغزوات المباركة التي استهدفت “واشنطن” و”نيويورك”.. تلك الغزوات التي غيرت معادلة الصراع في العالم وقلبت الموازين وأرغمت أنف أمريكا المعتدية الظالمة الآثمة..
ففي وقت ظنت فيه أمريكا رأس الكفر ورأس الإجرام أنها أحكمت قبضتها على العالم وأنه ما عاد أمام البشرية إلا الخضوع لها.. خرج لها -من حيث لا تحتسب- فرسان الإسلام التسعة عشر.. فحطموا الأوهام ورسموا للبشرية خط الانتصار والتحرر.. وبرهنوا أن أمة الإسلام حتى ولو نامت يوماً فإنها لا تموت.. وأن الصحابة الفاتحين لا زال نسلهم لم ينقطع.. وفيهم ألف فدائي لدينه وأمته ومقدساته..
إنه ليوم مشهود ذلك الذي يترقب العالم ذكراه كل عام.. وإنه لحدث عظيم هذا الذي لاتزال تبعاته قائمة حتى لحظتنا الحاضرة بعد (16) عاماً من وقوعه..
لقد اختار المجاهدون وعلى رأسهم الشيخ أسامة بن لادن -رحمه الله- أن يواجهوا ذلك الغول الكبير “أمريكا”.. واختاروا نزال الرأس بدلاً من الانشغال بالأذناب.. وبجرأة كبيرة وبتحدٍ صارخ قائم على قوة الإيمان بالله ثم بحقوق الأمة المستضعفة رفع المجاهدون الراية واصطفوا تحتها جحفلاً مستبسلاً دون دين الأمة ومقدساتها.. فبارك الله في خطواتهم ووفقهم لتغيير معادلات الصراع في العالم وشيدوا لأمتهم مجداً وفخراً ونصراً عظيماً مؤثلاً..
وقد كانت رسالة العمليات واضحة.. فلسنا معتدين وإنما كانت أمريكا ولا زالت هي المعتدية على أمتنا فهي التي تحتل بلادنا وهي التي تدعم دويلة يهود المحتلة في فلسطين وهي التي تمارس الغطرسة العالمية بكل صفاقة وجرأة غير آبهة بالعقاب ولا مدركة للعواقب..
لقد انطلق هؤلاء المجاهدون من تنظيم القاعدة ومن ساندهم من المسلمين في كل مكان من قاعدة إيمانية راسخة “أن النصر من الله وأن الله أعظم وأقوى من كل شيء فلا توكل إلا على الله ولا رغبة إلا إليه ولا استعانة إلا به ولا خوف إلا منه”.. فتحرر هؤلاء المجاهدون من كل قيود الاستسلام وعقد الخوف والخنوع.. فكان ما كان وحصل ما حصل..
لقد ألقى المجاهدون خلفهم كل خرافات “القوة العظمى” وألقوا خلف ظهورهم بكل تلك المخذلات عن طريق العزة وتجاوزوا كل تلك العوائق التي تحول دون المطالبة الحقيقية بحقوق المسلمين والردع لأعداء الإسلام.. فشقوا طريقهم ثابتين يملأ قلوبهم اليقين بما عند الله من نصر ورحمة وفضل ورضوان.. وكان لهم ما أرادوا.. فإن الله عند حسن ظن عبده به كما ثبت في الحديث الصحيح..
واليوم بفضل الله بعد مرور أكثر من عقد ونصف على انطلاق الحرب الحقيقية بين أمة الإسلام وأمة الصليب وعلى رأسها أمريكا.. تشهد كل الحقائق على انكسار الحملة الصليبية وفشل أمريكا في حسم المعركة وها هي كل يوم تستنزف وتستنزف حتى الموت إن شاء الله..
نعم.. إن المشكلة الكبرى لأمريكا ومن ورائها دول الصليب أنها لا تدرك حقيقة هذه الأمة.. فهذه أمة الجهاد والاستشهاد وأمة الفداء وأمة الانتصار..
لقد ظنت أمريكا أن بإمكانها أن تسكت صوت الحق أو أن تقضي على طليعة الأمة المسلمة أو أن تقتل داعي الجهاد في قلوب المسلمين.. لكنها فشلت وفشلت وستفشل في كل خطوة عبثية قادمة..
وما بشائر انتصار الشعب الأفغاني اليوم على الاحتلال الأمريكي إلا برهان واضح على فشل الحملة الصليبية الغاشمة.. فبعد الاستنزاف الهائل في العراق على أيدي المجاهدين وعلى رأسهم أمير الاستشهاديين أبو مصعب الزرقاوي -رحمه الله- رأت أمريكا أن الدخول في حرب مباشرة مع الأمة المسلمة ضرب من العبث والفشل والخسائر والاستنزاف.. فاعتمدت خطة أخرى للانسحاب وتقليل الخسائر.. وتلاشت أسطورة “المارينز” الذي لا يقهر وتبخرت أكذوبة “الحرب الخاطفة” وعرف عباد الصليب وعباد المادة مقدار ضعف آلتهم وتقنيتهم وصناعتهم أمام فرد مسلم يحمل روحه على كفه ويقدم نفسه فداء للإسلام..
وها هي الإدارة الأمريكية الحالية تحاول إيجاد حل لمعضلة أفغانستان فلا تجد.. فلا هم قادرون على الانسحاب ولا هم جازمون على مزيد من التعزيزات لقواتهم.. وبين هذا وذاك يستمر الاستنزاف لقواتهم على يدي أبطال الإمارة الإسلامية في أفغانستان..
فحيا الله أبطال أفغانستان المجاهدين.. وحيا الله تضحيات ذلك الشعب الكريم الذي تحطمت على صخرة ثباته وتضحيته امبراطوريات الكفر والعجرفة.. والحمد لله الذي جعل أفغانستان عقوبة للطغاة ومستنقعاً للظالمين..
وتحية في هذه المناسبة الطيبة إلى أمير المؤمنين في أفغانستان “هبة الله آخندزادة” -حفظه الله- ونقول له: ما بقي إلا القليل لتحقيق النصر.. وإنا بإذن الله على العهد ماضون حتى تعود أفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين لحكم الإسلام ويخرج آخر جندي محتل.. وإنا بإذن الله على العهد نصرة للإسلام وحملاً لهمومه وقضاياه.. ويعلم الله أن أحدنا يتمنى أن يشرفه الله بموقف المجاهدين في أفغانستان فينال من أمريكا وجنودها الأنجاس ويشفي غليل قلبه في هؤلاء المعتدين.. ويَقتل ويُقتل على ثرى تلك البلاد الطيبة..
لقد ظنت أمريكا عبثاً عند انطلاق حملتها الصليبية قبل ما يزيد على عقد ونصف أن القضية لا تتجاوز جولة حرب يسيرة تقضي فيها على حفنة من “المتمردين الإرهابيين المتشددين”.. ولكن الله خيب ظنهم وأبطل خطتهم وفتح عليهم أبواب الجحيم والهلاك..
إنه “الله” الذي لا تعرفونه أيها الأمريكيون.. وإنها إمة الإسلام التي لم تفهموها.. ولا زال الله يمكر بكم مكره ويستدرجكم إلى حتفكم..
وها هو الجهاد يمتد على امتداد العالم الإسلامي.. مد جهادي متعاظم شب عن الطوق.. وشعوب مسلمة تفور وتتنفس غيضاً تنتظر دورها في الجهاد.. وأمة ولود تنجب القادة والأبطال.. ومجاهدون نذروا أنفسهم للإسلام.. فطاولي يا أمريكا في الحرب أنّا شـئتِ فإنا -بعون الله- على الحرب أصبر.. نألم كما تألمون ولكن لا سواء فنحن نرجو من الله ما لا ترجون..
لقد آن الأوان أكثر من أي وقت مضى لنقول لأمة الإسلام: لا خوف على الجهاد من عدوه فقد رأينا تباشير النصر تلوح.. ولا توقف عن المسيرة فقد وصلنا للعتبة الأخيرة..
الخوف فقط هو من أنفسنا يا حملة الدين والمدافعين عنه.. الخوف أن تستحوذ علينا مطامع الدنيا أو أن تغرينا السفاسف أو أن نميل عن الطريق أو أن نتأخر عن مزيد من البذل والتضحية..
وأشد الخوف أن نركن إلى قوتنا وحولنا وأن ننسى منة الله علينا وحفظه لنا فهو المدبر وهو الناصر وهو الحافظ وهو المعين.
نعم إن المعركة بحاجة لمزيد من التضحيات ولمزيد من التحامل على الجراح.. وتحتاج مزيداً من رص الصفوف والتعاون بين كل الصادقين من الأمة المسلمة وفي كافة الميادين.. العالم بفتواه والمقاتل بسلاحه.. والمعلم بعلمه.. والتاجر بماله.. وصاحب الخبرة بخبرته.. كل في ميدانه يذب عن أمة الإسلام بما يستطيع ويصنع التكامل في هذه المعركة متسعة الجوانب ومتعددة الأشكال.. ولا يحقرن أمرؤ من المعروف شيئاً.. المهم هو أن نتكامل لا أن نتصارع وأن نتعاون لا أن نتخاذل.. وأن نوحد الهدف لا أن نتشتت.. وعلينا أن نبتعد عن كل المعارك الثانوية أو الهامشية ولنقذف بسهامنا حيث الهدف الأهم والآكد..
وإذا لم يسعنا الاجتماع تحت راية واحدة جامعة فلا أقل من تحقيق معنى الاجتماع بالتناصر والتكامل والتشاور والتعاون.. يقول الله عز وجل: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4].
نعم أيها الإخوة المسلمون في كل مكان.. إننا نواجه حملات صليبية مختلفة الأشكال.. تحالف فيها الصليبيون مع الصفويين الجدد ومع البوذيين والهندوس واليهود.. معركة متعددة الجبهات من بورما إلى مالي، ومن القوقاز إلى الصومال.. والحمل كبير والواجب متحتم.. كيف وقد علق كثير من المسلمين آمالهم في قادة الجهاد وأهل العلم والفضل أفلا نكون على قدر المسؤولية ونأخذ الأمور بحقها.. ونجاهد في الله حق جهاده..
إن الأقصى يستغيث.. وما عاد بيد أهله إلا السكاكين.. وقد تجرأ العدو على إغلاق المسجد الأقصى في الأيام الماضية ورأينا ثبات المقدسيين وصمودهم.. فلا يصح بنا أن نخذلهم أو أن نتراجع أو أن نتأخر.. وإن فلسطين قضية مركزية من قضايا الأمة لا نتنازل عنها ولا ننساها ولا نتغافل عنها.. بل وحربنا مع أمريكا ابتدأ لدعمها لدولة اليهود ونصرتها لإسرائيل على المسلمين..
وها هي أرض الشام وأرض العراق تواجه تكتلاً صليبيا صفوياً يهلك الحرث والنسل.. فأين المشمرون ليستعينوا بالله على مراحل الجهاد الصعبة التي تكالب فيها العدو وألقى بكل ما عنده من قوة وحمل..
وإن نصيحتنا لكم أيها المجاهدون الكرام في الشام أن تشدوا وتستنفروا الطاقة لقتال عدوكم.. واعلموا أن النصر لا يكون إلا بالثبات والتجاسر، فشتتوا العدو ما تستطيعون وأربكوه قدر ما تطيقون وانقلوا المعركة إلى مناطقه الآمنة مستهدفين قواته ومفاصله وابنوا لغدكم ما تستطيعون به مواصلة الجهاد حتى في أحلك الظروف..
ويا أحبابنا المجاهدين في المغرب الإسلامي ويا إخواننا الأبطال في الصومال وفي القوقاز وفي شبه القارة الهندية وفي كل مكان.. نحن منكم ومعكم حتى وإن تفرقت الأجساد وتباعدت البقاع.. فمعركتنا واحدة هي معركة الإسلام وهدفنا واحد وهو إعادة العزة للمسلمين وإعادة حكم الله إلى الأرض.. فمزيداً من رص الصفوف ومزيداً من الثبات ومزيداً من الاستعانة بالله والأخذ بالأسباب..
وإلى كل من يضحي في سبيل الإسلام ويعيش معركته ضد أعداء الدين.. أبشر بيوم الفرج والنصر.. وأبشر بيوم الفتح والسؤدد.. فما تضيع التضحيات عند الله سدى..
إلى الأسير في معتقله.. وإلى أم الشهيد.. وزوجته.. وإلى الأيتام والمشردين والنازحين وكل صاحب بلوى في ذات الله ومن أجل دينه.. أبشر بالأجر الجزيل من الله {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].. إنه قدرنا جميعاً أن نعيش هذا المخاض العسير في طريقنا لاستعادة عزة الأمة وكرامتها..
ولا يبني الممالك كالضحايا
فــفي القتلى لأجيال حياة
وللحـــــرية الحمراء باب
ولا يدني الحقوق ولا يحق
وفي الأسرى فدى لهم وعتق
بكل يد مضرجــــة يدق
أما أنت أمريكا.. فشمري للحرب ما استطعت فإنا -بحول الله وقوته- مشمرون.. وطاولي الحرب ما شـئت فإنا ثابتون..
والمعادلة بسيطة لو كنتم تعقلون.. فلا يعقل أن تهينونا وتهينوا ديننا وتحتلوا مقدساتنا وديارنا ثم نترككم دون عقاب.. وعهد علينا أن ننغص عيشكم وأن نستهدف أمنكم ما دمتم تدعمون دويلة اليهود في فلسطين وما دمتم تقتلون المسلمين على امتداد العالم الإسلامي..
ومخرجكم الوحيد هو ترك المسلمين وشأنهم والانكفاء خلف البحار..
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين..
Comment