بسم الله الرحمن الرحيم
مؤسسة الراية للإنتاج الإعلام
الراية
:: تقدم ::
مقالاً بعنوان :
الديمقراطية الفلسطينية بين ظلم العباد وخدمة الاوغاد
قراءة مباشرة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا إله سواه والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ولا وصي له وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
يقول تعالى ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
أفضل الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة , أما بعد …
فإن لقضية الانتخـابات المرتقبة أمورًا لابد للمسلم الفلسطيني أن يعلمها؛ لارتباطها الوثيق بعقيدته ودينه ؛ لذا فقد رأيت من الضروري أن أنبه عليها في مقالي هذا:
إن طمع الانسان وجشعة وحبه للتملك قد سول له أن ينسلخ عن الغاية التي خلق لأجلها ألا وهي عبادة الله وحده لا شريك له ، والحكم والتحاكم لشرعه ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وحين انسلخ عن تلك الغاية أتبعه الشيطان فكان من الغاوين! ثم حرص -الشيطان- أشد الحرص أن يبعده أبعد ما يكون عن السبل المؤدية اليها ؛ فأضله عنها حتى أغلقها عليه أو كاد ؛ ومن هؤلاء كثير ممن ولاهم الله أمر المسلمين؛ فزين لهم أن يسخروا كل إمكانياتهم لتحصيل مصالحهم الدنيوية العاجلة بأي طريقة كانت؛ فاستبدوا ، وظلموا ، وقتلوا ، واغتصبوا حق المسلمين في التفكير وإبداء الرأي كما فعل فرعون عليه من الله ما يستحق ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ ، واختصوا أنفسهم بذلك الحق – حق التدبير للخلق! فمسخوا عقولهم وجعلوهم جزءًا من ممتلكاتهم!
لقد استعبد الانسان أخاه الإنسان عبر العصور ، والتاريخ خير شاهد على ذلك، ولا أظن أن هذا يخفى على القارئ ، وإني لأنوي في مقالي هذا التطرق للديمقراطية التي صنعها الغرب كطريقة جديدة لاستعباد البشر وبخاصة “المسلمين” ولكن بطريقة مستساغة من قبل الخلق!!
لقد حكمت الكنيسة أوروبا في القرون الوسطى، فطغت وتجبرت ومسخت عقول البشر ، وكانت نهاية المطاف: ثورة للإطاحة بهذا الحكم ؛ لقد كان لا بد من صحوة تنهي على:
طغيان الكنيسة وكان له صور عدة: “الطغيان الروحي والعقلي – الطغيان المالي – الطغيان السياسي – الطغيان العلمي , وهو من أهمها” .
فساد رجال الدين، وما كان من فضائح أخلاقية في الأديرة.
محاكم التفتيش.
مساندة الكنيسة لنظام الإقطاع.
لقد كانت الثورة الأوروبية (1789–1799) انقلابًا سياسيًا و ثورة شعبية بدأت في فرنسا و كان لها أثر كبير على أوروبا والعالم بأسره , وقد اعتبرت أول ثورة ليبرالية في التاريخ ، لتبدأ حقبة جديدة من الاستعباد البشري ولكن بصورة جديدة وبشكل جديد!! بل قد زاد ذلك الاستعباد !! وما شهدته اوروبا من حروب باسم الديمقراطية ونشر السلام لم تشهد مثله قارة من القارات الست ، ثم امتد ذلك إلى بلاد المسلمين بعد أن قسمها الغرب باتفاقية سايكس وبيكو ، فحددت كل دولة نفوذها وسيطرتها ، وقام ما يسمى بـ(النظام الدولي) بإنتاج أنظمة وظيفية في بلاد المسلمين تلك لتقوم مقامه، وفي حال عجزت تلك الأنظمة عن القيام بما يخدم مصالحه تدخل بشكل مباشر ليحتل هذه الدولة أو تلك بقواته العسكرية، ثم نصب نظامًا جديدًا كما قد حدث في أفغانستان والعراق ومالي وغيرها الكثير ، وإذا سقط هذا النظام من خلال انتخابات ديمقراطية كما يصفونها كما حصل في الجزائر ومصر وتونس وغيرها استخدموا أدواتهم وانقلبوا على تلك الديمقراطية المزعومة .
وقد استطاع الكثير من الاقطاعيين ومن لهم نفوذ داخل الأنظمة تشكيل أحزاب سياسية والسيطرة على هذه الأحزاب ورسم سياساتها وإذا رجعنا إلى واقعنا اليوم وجدنا هذه الحقيقة واقعة حتى داخل بلادنا.
لقد استطاع هؤلاء من خلال تلك الاحزاب إشعار الناس أن لهم إرادة في اختيار الحاكم واختيار من يمثلهم داخل البرلمان؛ حيث تعطى الثقة الكاملة للسلطة التشريعية في سن القوانين التي تناسب – في حقيقتها – هذه الأحزاب ومن يتحكم بها! ومن ثم تقوم السلطة التنفيذية بتنفيذ تلك القوانين ، والتي أبعدت الناس عن التفكير في مجريات الحكم والسياسة والاقتصاد..
لا أريد ان أستطرد كثيرا في هذا الأمر ولكني احببت أن أذكر لمحة تاريخية بسيطة .
إن الاستبداد والطغيان ليس له زمان ولا مكان ؛ بل هو ممتد عبر التاريخ ، ولكن تتغير الأشكال والأماكن والأساليب.
ومن هنا كان لا بد من كلمة بخصوص انتخابات السلطة الفلسطينية (سلطة أوسلو) التي جاء بها الغرب لخدمة المشروع الغربي الصهيوصليبي في بلاد المسلمين، وفي قلب الأمة (فلسطين) التي لها مكانة خاصة في قلوب البشرية ولاسيما المسلمين.
إن هذه السلطة إنما تقوم مقام الحاكم العسكري للاحتلال في الضفة والقطاع ، قد زينها الغرب وأعوانه من الأنظمة الوظيفية في نظر الأحزاب والحركات الفلسطينية المقاومة التي أذاقت الاحتلال الويلات خلال فترة احتلاله لفلسطين، والممتدة في حقيقتها منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1918م والذي قام بدوره بتسليم فلسطين لليهود حتى يومنا هذا .. فانشغلت تلك التنظيمات عن قضيتها المركزية ألا وهي تحرير فلسطين بسلطة هزيلة مسلوبة الإرادة أذاقت شعبها الويلات، وما يجري في الضفة وغزة لا يخفى على أحد.
لقد جرت أول انتخابات لسلطة أوسلو عام 1996م ففازت بها حركة فتح ورئيسها ياسر عرفات، وأخذت دورها في محاربة المقاومة الفلسطينية لتثبت للغرب أنها قادرة على إنجاح مشروع أوسلو، ومع ذلك فإن الاحتلال لم يعطِ تلك السلطة الكثير من الآمال ؛ فقيدها بالكثير من الأعباء والتنازلات، و حدَّ من نفوذها في الضفة والقطاع ، ومن تحركاتها وسيطرتها على الأرض ، فلا يستطيع رئيس هذه السلطة مغادرة بيته إلا بتنسيق مع الاحتلال! وكذلك أي مسؤول ، وكذلك الاقتصاد فهو من يحدد الصادرات والواردات من خلال اتفاقية باريس الاقتصادية المدمرة للاقتصاد الفلسطيني.
ثم جاءت انتخابات عام 2006م والتي شاركت فيها حركة حماس ، فشهدت الساحة خلافات حادة بين فتح وحماس أدت في النهاية إلى سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007م ، فجاءت مرحلة جديدة من الويلات على الشعب الفلسطيني ؛ فكل طرف استفرد بسكان المنطقة التي يسيطر عليها، وشهد الشعب الفلسطيني ألوان العذاب على يد التنظيمات التي حكمت سلطة أوسلو خلال الفترة ما بين 1994 حتى عام 2016 ، ليستفرد الاحتلال بكل طرف على حدة ، حتى وصل الأمر بتلك التنظيمات أن تترك بعضها البعض في مواجهة المحتل دون أن تتحرك لدماء تراق ولا لقصف بيوت الامنين او اغتيالات لقيادات بعض التنظيمات . ولا يخفى على أحد الغطرسة الصهيونية في القدس والضفة وما يقومون به من تهويد وقتل وتشريد وحصار مرير لقطاع غزة.
وبغض النظر عن الإجحاف الذي عانى منه المواطن الفلسطيني في السنين السابقة ، فإن “هذه السلطة باطلة شرعا وعقلا وما بني على باطل فهو باطل”، وقد علمتم ما بنيت عليه اتفاقية اوسلو من أسس ومبادئ لا تمت الى الإسلام بصلة ، أسس ألغت حقيقة اسمها جهاد ، وأعطت للعدو شرعية في احتلاله لفلسطين بمرجعية قرارات الأمم المتحدة التي تقوم على إعطاء وطن لليهود في فلسطين، وقصرت فلسطين والأقصى على الفلسطينيين ؛ فتُكُلِّمَ باسم جميع المسلمين فكيف يكون ذلك؟ وهل فلسطين والأقصى حجر على أولئك حتى يتكلموا باسم أكثر من مليار من المسلمين؟! بل قد تكلموا باسم الإسلام نفسه؟! فأُبعِدت قضية فلسطين عن الأمة فأصبحت قضية شعب فلسطيني وتم استبدال دور الأمة الجهادي لتحريرها من اليهود المحتلين إلى دور إنساني من خلال بعض المساعدات الغذائية والدوائية..
لقد كانت سلطة أوسلو سببًا في حماية أمن المحتل منذ إنشائها وفي إضعاف معنويات الشعب الفلسطيني وإدخاله في أزمات متتالية حتى أصبحت قضية فلسطين اليوم قضية معبر وراتب وكهرباء وماء وعلاج وبطالة …… إلخ…
وها نحن على أبواب انتخابات ثالثة في أراضي سلطة أوسلو تبدأ بالانتخابات البلدية وتنتهي بالرئاسية والتشريعية ، فعلى أهل فلسطين مقاطعة هذه المسرحية الهزلية المسماة بالانتخابات الفلسطينية، وعلى الأمة سحب البساط من تحت التنظيمات الفلسطينية وإعادة قضية فلسطين الى حضن الأمة وإعادتها الى حقيقتها التي سعى الغرب من أجلها وبذل الكثير الكثير.
ان الأمة لا يصلح حالها إلا بدين فإذا غاب الدين عن الحكم وعن الحياة عاشت الأمة حياة الغاب ؛ فالدين هو الذي يضبط العلاقة وينظمها بين الحاكم والمحكوم ، والله سبحانه اختار لنا دستورًا تستقيم به حياتنا، ويعز فيه أمرنا، وصدق الفاروق عمر رضي الله عنه حين قال: “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله”.
فالشريعة الإسلامية منهج حياة متكامل ابتداءً من الطهارة وأدب الأكل والشرب ، والعبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج … إلى سياسة الحكم، والاقتصاد، والسلوك والمعاملات، والقيم والأخلاق، والسياسة الداخلية والخارجية القائمة على قاعدة “درء المفاسد أولى من جلب المصالح” والتي تقدم فيها مصلحة الدين والدولة والأمة على مصلحة الفرد والحزب والقطر… فالحكم بما أنزل الله هو خلاص الأمة!
أما القوانين الوضعية فهي التي وضعها الانسان ليزيد من ظلمه لأخيه الإنسان وليزيد في استعباده وسرقة ثرواته ووو.. الكثير..!!!
قال تعالى : ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه العبد الفقير الى عفو ربه
إسماعيل بن عبد الرحيم بن عبد الهادي حميد
أبو حفص المقدسي
download-pdf
الأرشيف – Archive
قوقل – Drive Google
ميديا فاير – Media Fire
سحابة – MEGA
روابط تحميل بالصيغتين:
pdf-icon2
word-doc-icon2
DepositFiles
up-00
up8.cc
مخزن – m5zn
روابط المشاركة والنشر:
***
مُؤسَّسَة الرّاية للإِنتاج الإِعلامي
تصميم للشعار copy
قِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ
24-ذو القعدة-1437هـ.
لإرسال الملاحظات والمقترحات : http://sayat.me/ALRai
للتواصل والمراسلة : salif.ps@gmail.com
مؤسسة الراية للانتاج الاعلامي : Face Book
قناة التلغرام : https://telegram.me/AlRaia_ps
@AlRaia9
আর রায়াহ মিডিয়ার ওয়েব সাইট
Comment